بحث عن المعاني الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لاصطلاح الملكية والمقارنة بين الملكية الفردية والعامة
المكية لها معاني كثيرة باختلاف النظرة التي ننظر منها إليها فمن حيث المفهوم الاقتصادي فتختلف الملكية بحسب النظام الاقتصادي السائد في الجماعة . فالملكية إما أنها مظهر للإنابة الفردية وأداء يستعملها المالك الفرد بحسب هواة لإشباع كل رغباته الذاتية . حين يكون النظام الاقتصادي السائد هو الاقتصاد الحر .
والملكية00 هي أداة تسخر لمصلحة الجماعة أو على الأقل هي أداة لا تستخدم للإضرار بالجماعة والغير . ومن حيث المفهوم الاجتماعي تعني الملكية الصراع الطبقي بين طبقة الأغنياء التي تملك ولا تعمل وبين طبقة الفقراء والتي تعمل ولا تملك. فتتولد اجتماعيا عن الملكية وجود طبقتين اجتماعيتين وهما الطبقة الأولى هي طبقة الأثريا وتتكون من الملاك والتي تستغل الطبقة الثانية وهي طبقة الفقراء والتي تتكون من العمال الكادحين .
ومن حيث المفهوم السياسي فالملكية هي : أما أن تكون ملكية فردية مطلقة حين تكون الملكية أمر مقدس ومصون ولا يجوز المساس به باعتبارها تقاليد موروثة قبل ظهور القانون بل قبل بروز فكرة الدولة نفسها فلا يتسنى لا للدولة ولا للقانون بهذه المثابة أن يجترئ عليها بشكل أو أخر وأما أن تكون الملكية هي الملكية الماركسية والجماعية التي ترى أن مصلحة الجماعة تستلزم تحديد المالك باختياره من بين أجدر الناس على تحقيق أكبر مصلحة للجامعة من وراء التملك والملكية باعتبار ان المالك بالصدفة دون سعي منه لمجرد تلقي الملك من مورثه قد لا يكون لصالح الناس على التملك وحسن استغلال الملكية لمصلحة المجموع بتوزيعها على الأخرين كل بحسب حاجاته مما يحقق العدالة . ويفهم من ذلك أنه يوجد فريقين ؟
الفريق الأول : ينكر فكرة الملكية الفردية على الوجه السابق ويرى أن الملكية للدولة وحدها والتي توزعها في شكل منح لبعض الأفراد وبصفة مؤقتة لا أكثر .
الفريق الثاني : يدافع عن فكرة الملكية الفردية والتي تجد اساسها : لدى رأي في الفقه من انصار الفريق الأخير في فكرة الاستيلاء على الشيء والذي هو في نظره أساس كل تملك فالإنسان لا يملك الشيء إلا بعد حيازته والتي تنتقل إليه بنزعة مكن الأخرين .
وقد انتقد هذا الرأي00 لأن الاستيلاء كسبب لنشوء الملكية لن يكون مشروعا إلا إذا سبقه قانون يقره ويعترف به والملكية توجد قبل وجود القانون نفسه .
المفهوم القانوني للملكية :-
في ظل المجموعة المدنية القديمة التي كانت متأثرة بالقانون الفرنسي نص في المادة 11 من التقنين الوطني والمادة 27 من التقنين المختلط على أن الملكية هي : الحق للمالك في الانتفاع بما يملك والتصرف فيه بصورة مطلقة . وهو ما كان محطا وقتها لانتقاد الفقه لكون أن حق الملكية اليوم أضحى حقا مقيدا وغير مطلقا وهو ما عبر عنه بان الملكية عت لها وظيفة اجتماعية فالمالك له حق استغلال ملكه والانتفاع به ولكن في نطاق الحد المعقول وهو الحد الذي يقدره القانون .
لذا حرص المشرع في المادة 82 من المجموعة المدنية الجديدة على النص صراحة على أن الملكية هي :
– الحق المقرر للمالك الشيء وحده إلى حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه
وهو ما جاء في التعبير عنه في المشروع التمهيدي في ألفاظ أكثر تأكيدا المشروع التمهيدي إلى ما أطلق عليه تعبير ما الحق الملكية من وظيفة أجتماعية . ولكن لا يجوز الخلط بين الملكية كحق الشيء والسلوك محل حق الملكية كوعاء مادي لهذا الحق . فحق الملكية هو فكرة معنوية مجردة موداها تحويل الملك مكنة استعمال الشيء واستغلاله والتصرف فيه . ومعيار التفرقة بين حق الملكية وبين الشيء المكون المحل المادي لحق الملكية بأن الأخير له وجود مادي ملموس وظاهر للعيان بحيث يمكن إدراكه بالحس بالنظر اليه أو اللمس مثلا .
أما حق الملكية في ذاته كفكرة معنوية00 فلا يمكن رؤيتها رؤيا العين أو لمسها باليد ولكن فقط إدراكها بالعقل وفهم مؤداها وهو الانتفاع بالشيء واستعماله والتصرف فيه وأنه مقرر للمالك وحده دون غيره . فالشيء المملوك إذا هو مجرد الوعاء المادي لهذا الحق في الملكية وليس أكثر من ذلك .
وأخيراً المقصود بالملكية في هذا الصدد هي الملكية الفردية والخاصة سواء كانت للفرد أو للدولة وليست هي الملكية الجماعية العامة .
فما هي إذا التفرقة بين الملكية الفردية وبين الملكية العامة ؟
في الواقع أن كل من الملكية الفردية والملكية العامة يلزم أن يتوافر من شأنها سبب من اسباب اكتساب الملكية المقررة في القانون فكما يتملك الفرد الشيء تتملك الدولة وكذلك هذا الشيء بأن يكون للمالك سلطة مباشرة على الشيء تمكنه من استعمال الشيء والانتفاع به وكذلك التصرف فيه .
إلا أن الملكية العامة أهم ما يميزها عن الملكية الخاصة الفردية أنها تكون مخصصة للمنفعة العامة بأي وسيلة من سوائل هذا التخصص سواء كان تخصيص قانوني بقانون أو تخصيص إداري بقرار جمهوري أو وزاري أو حتى كان هذا التخصيص واقعي بأن يتم التخصيص بالفعل فيكون التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار المفارقة بين ما يعد ملكية عامة وما يكون ملكية خاصة .
إنما يلزم أولاً بتوافر سببا من اسباب اكتساب الملكية وإلا كان التخصيص للمنفعة العامة وباطلا ولا وجود له وبقي المال على ملكيته الخاصة . مثل اغتصاب الدولة عقار مملوك لأحد الأفراد وتخصيصه للمنفعة العامة فيكون هذا التخصيص الأخير لا أثر له في القانون ولا يولد حق الملكية العامة للدولة تحت أي وصف كان
مما يفهم منه أن الملكية العامة لها شرطين هما توافر سبب من اسباب اكتساب الملكية للدولة يقره القانون ثم تخصيص المال المملوك للدولة للمنفعة العامة . وإلا كان المال مملوك للدولة ملكية خاصة لا ملكية عامة . ومعيار التخصيص للمنفعة العامة وهو معيار للتفرقة ليس فقط بين ملكية الأفراد الخاصة وملكية الدولة العامة ولكن كذلك لكل ملكية خاصة سواء كانت الملكية الخاصة المقررة للأفراد العاديين لم تقرره الدولة نفسها كملكية خاصة . بمعنى أن كل ملكية خاصة ولو كانت مملوكة للدولة لا تكون مخصصة للمنفعة العامة وبهذا المثابة فهي ملكية خاصة لا عامة .
ومثال الملكية الخاصة للدولة مع تخلف التخصيص ملكية الدولة اطرح البحر والشواطئ المتولدة عنه كذلك كل ملكية خاصة يموت عنها مالكها ولا يكون لها وارث فالدولة وارث لمن لا وارث له . ولكن تبقى ملكية هذه الأموال الخاصة مملوكة ملكية خاصة ولو للدولة فيقال أنها مملوكة للدولة مليكة خاصة . وهو ما يطلق عليه تعبير الدومين الخاص للدولة
ويترتب على التفرقة بين الملكية الخاصة بالمعنى الواسع شاملة الملكية الفردية والملكية الخاصة للدولة وبين الملكية العامة بالمعنى الضيق الملكية المخصصة فقط للمنفعة العامة عدة آثار قانونية أهمها :-
أولاً : عدم جواز التصرف في الملكية العامة والمخصصة للمنفعة العامة إلا إذا فقد شرط تخصيصها السابق للمنفعة الجماعية . والأصل أن كل ملكية للدولة هي ملكية خاصة لا عامة إلى حين ثبوت العكس باثبات تخصيص المال المملوك للمنفعة العامة .
ويأخذ حكم حظر التصرف في المال المملوك ملكية عامة بالمعنى السابق كل تصرف في أحد عناصر الملكية كحق الانتفاع أو في ثمة حق عيني آخر كحق الاستعمال أو السكني أو تحميل المال العام بثمة حق عيني تبعي كالرهن الرسمي أو الحيازي .
ثانيا : عدم جواز الحجز على المال المملوك ملكية عامة فطالما لا يجوز التصرف في المال العام لا حقيقة ولا حكما فلا يجوز باللزوم الحجز على هذا المال وتبقى مع ذلك مفارقة بين الملكية الخاصة للأفراد الملكية الفردية وبين الملكية الخاصة للدولة الدومين الخاص . من عدة وجوده :-
الوجه الأول :-
أن اسباب كسب الملكية الخاصة للدولة اوسع نطاقا من اسباب كسب الملكية الخاصة للأفراد .
فالملكية الخاصة للدولة يمكن كسبها بطرق غير القواعد العامة في القانون المدني ( العقد – الحيازة الاستيلاء الالتصاق الشفعة ) . مثل : أيلوله الأموال المملوكة ملكية خاصة والتي توفي عنها مالكها ولا وارث لها إلى الدولة وايلولة الأراضي الصحراوية والبور التي لا ملك لها إلى الدولة والتأميم .
الوجه الثاني :-
أن الملكية الخاصة للدولة هي أموال مملوكها للدولة أو لأحد اشخاص القانون العام وعلى خلاف الملكية الخاصة للأفراد التي تكون مملوكة لشخص من اشخاص القانون الخاص . ويأخذ حكم الموال المملوكة ملكية خاصة للدولة . أموال القطاع العام وشركة باعتبارها من اشخاص القانون العام والعكس بالعكس أموال الجمعيات التعاونية التي تعتبر من قبيل اشخاص القانون الخاص ويطلق عليها في القانون اصطلاح الملكية التعاونية .