بحث او تقرير عن حظر التعامل في التركة المستقبلية
أجازت المادة 131/1 مدني صراحة أن يكون محل الالتزام شيئا مستقبلا ومفاد ذلك أنه يجوز ألا يكون محل الالتزام غير موجود حال التعاقد طالما أنه سيوجد في المستقبل وبشرط أن يكون هذا المحل معينا أو على الأقل قابلا للتعيين ومن ضروب التعامل على الأشياء المستقبلية أن يتنازل كاتب عن حقوق مؤلفه المالية قبل أن يخرج لحين الوجود أو أن يبيع مزارع محصول أرضه عن موسم لاحق أو أن يبيع مالك أو أن يؤجر وحدة سكنية في عمارة لم يتم بناؤها أو تحت الإنشاء أو ان يتعاقد رجل أعمال على ما سوف ينتجه مصنعه من بضائع في دورة إنتاج قادمة أو إبرام إيجار لمنزل تبين سبق تهدمه .
غير أن المشرع ولاعتبارات أخرى مناقضة قد يحرم التعامل في الأشياء المستقبلية في حالات معينة ومن ذلك ما نصت عليه المادة 1033 /2 مدني من أن يقع باطلا رهن المال المستقبل وكذلك ما نصت عليه المادة 1098 مدني من إحالة إلى ذات الحظر في صدد الرهن الحيازي تسري على الرهن الحيازي أحكام المادة 1033 و المتعلقة بالرهن الرسمي
وقد كان القانون المدني القديم يتضمن نصا في شأن هذا الحظر ولكنه كان يقصر الحظر على البيع مواد 263 ، 323 من القانون المدني القديم ” بيع الحقوق في تركة انسان على قيد الحياة باطل ولو برضاء .
وعند إعداد مشروع القانون المدني الحالي تراوحت الاتجاهات في نطاق الحظر بين حظر التعامل في شركة مستقبلية إلا برضاء صاحب الشأن وأما حظر مطلق للتعامل ولو كان برضاء المورث؟
وكان الإتجاه إلى تجويز التعامل إذا كان برضاء صاحب الشأن على أن يكون الرضاء ثابتا في ورقة رسمية ففي فرض الموافقة تنتفي علة البطلان وهي الخوف من المضاربة على حياة المورث قبل وفاته رغما عن إرادته فإذا ما وافق فإن معنى ذلك ان لديه أسبابا معقولة للسماح للورثة الاحتماليين أن يتفقوا على ترتيب أوضاع ما يؤول اليهم مستقبلا من أمواله وبالتالي فإن التصرف في التركة المستقبلية يصح وفقا لهذا الإتجاه بشرط موافقة أطراف الاتفاق وموافقة صاحب الشأن .
وحاصل ما سبق00 أن المبدا قد استقر حازما على منع التعامل في التركة المستقبلية فيما عدا ما ذكر من استثناء . ونعرض فيما يلي لتحديد نطاق هذا المنع وحدوده :-
أولاً : التركة هي مجموع الحقوق أو الالتزامات الثابتة في ذمة الشخص عند وفاته ونعتقد أن هذا المعنى يقتصر في معنى المادة 131/2 مدني على الحقوق دون الالتزامات لأن معنى التركة في هذا المقام هو الجانب الإيجابي الذي يرد عليه التصرف ويحمل معنى المضاربة أما الجانب السلبي الالتزامات فإنها لا تحمل هذا المعنى فعلا عن أنها من جانب آخر تستنزل من عناصر التركة فلا يبقى هذا الوصف إلا للحقوق الصافية وفقا لقاعدة لا تركة إلا بعد سداد الديون .
ثانيا : أن التعامل المحظور في التركة المستقبلية هو التعامل في كل التركة أو جزء منها أو مفرد من مفرداتها باعتبارها قائما في ذمة الشخص حتى وفاته ويجري التعامل فيه على هذا الوصف أما إذا كان التعامل على مال بغير هذا الوصف أي لم ينظر اليه على أنه جزء من تركة مستقبلية فإن التعامل يقع صحيحا .
ثالثا : أن المشرع المصري قد استخدم في التعبير عن الحظر تعبير التعامل باطل00 وهو بهذا اللفظ العام حظر التعامل يستهدف الحيلولة دون أي نوع من أنواع التصرفات سواء كانت تصرفات ناقلة للملك كالبيع والمقايضة والهبة أو تقديم نصيب الوارث كحصة في شركة أو كانت من أعمال الإدارة كما هو الحال في عقود الإيجار التي يصدرها شخص عن شيء باعتباره جزء مما سيرثه مستقبلا وكذلك يشمل الحظر التصرفات الكاشفة كأن يتفق الورثة الاحتماليون على قسمة تركة مورثهم أثناء حياته .
رابعا : أن الحظر يشمل وعلى نحو ما أتضح من التحديدات السابقة المورث نفسه كما يشمل غيره من ورثته وبالتالي فإن تعامل أيا كان نوعه في التركة المستقبلية من جانب أي وارث احتمالي يقع باطلا بطلانا مطلقا بل ينصرف هذا البطلان على أي قيد يقبله الوارث المحتمل على حريته في التصرف وكذلك أي إقرار مسبق في أي شأن من شئون التركة المستقبلية ولذلك يقع باطلا أي إقرار مسبق بأية وصية يتبين وجودها بعد وفاة المورث سواء أكانت لأجنبي أو لوارث .