بحث عن ضوابط و قواعد فرض الضريبة
حرص علماء المالية على وضع ضوابط وقواعد يجب ان تراعى عند فرض اى ضريبة 00 وقد اعلن ادم اسميث هذه القواعد فى كتابه ثروة الامم 00 وهذه القواعد تتمثل فى الاتى :-
اولا :- قاعدة العداله .
ثانيا :- قاعدة اليقين .
ثالثا :- قاعدة الملائمة .
رابعا :- قاعدة الاقتصاد .
وسوف نبرز هذه الاركان من خلال فريضه الزكاة 00حتى يتبين لنا كيف توافرت هذه المبادىء فى الزكاة التى جاءت مع شرع الله قبل ادم سميث بالف عام .
اولا :- قاعدة العدالة :-
نادى ادم سميث بضرورة اشتراك رعايا الدولة 00فى اعباء الانفاق العام كل حسب قدرته اى بنسبه دخله الذى تمتع به فى حمايه الدولة 00 ومن ثم تتحقق العدالة 00 وبالنظر الى الشريعه الاسلامية نجد الاتى :-
ان مبدا العدالة مبدا اساسى فالعدل اساس الملك ولقد امر الحق تبارك وتعالى بالعدل فى مواضع عدة من القران الكريم ومن ذلك قوله تعالى ” ان الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لعلكم تذكرون ” .
اما من حيث مدى تطبيق العدالة على فريضة الزكاة يتضح فيما يلى :-
1- عمومية المساواة امام الزكاة 00 حيث تسرى فريضة الزكاة على عموم المسلمين .
2- اعفاء النصاب 00حيث فرضت الزكاة على الفائض من المال الذى يتجاوز النصاب الشرعى وذلك حتى يسهل اخراجها لقوله ” ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ” . ويقصد بالعفو الفائض عن الغنى .
3- تجنب الازدواج 00 ويقصد بتجنب الازدواج ان لا تفرض الضريبة مرتين او اكثر على نفس المكلف ونفس المال عن نفس المدة .
4- الزكاة تراعى الجهد المبذول 00وذلك حتى تتحقق العدالة على اعلى مستوى تتفاوت الزكاة تبعا لتفاوت الجهد الذى يبذله الانسان وذلك لان الاسلام دين العدالة وليس العداله النظر الى مصدر الدخل فقد كما هو الحال فى الضرائب الوضعية وانما اقر بجانبه تفاوت الجهد المبذول وخير مثال على ذلك زكاة الزورع حيث يستحق العشر فيما سقى من الزروع والثمار بغير الله ونصف العشر اذا سقى بآله .
5- مراعاة الظروف الشخصية للمكلف بالضريبة 00 فقد وردت الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باعفاء ما دون الخمس من الابل والاربعين من الغنم فليس فيهما زكاة وكذلك ما دون مائتى درهم من النقود الفضية وما دون خمسة اوسعه من الحبوب والثمار والحاصلات الزراعية .
6- العداله فى جباية الزكاة 00 يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” العامل على الصدقة كالغازى فى سبيل الله ” ونعم المنزله العالية للغازى فى سبيل الله فى الاسلام .
ثانيا :- قاعدة اليقين :-
مضمون هذه القاعدة 00ان تكون الضريبة محدد على سبيل اليقين دون غموضا او تحكم فى كافه جوانب الضريبة ربطا وتحصيلا 00 سواء للمول او للادارة المالية 00 حتى ان علماء الماليه العامه يقررون ان الضريبة القديمه كان لا ضريبة 00 وذلك لان الممول الذى اعتاد على دفع ضريبة معينه والف احكامها 00 يعد على يقين من امرها فكما ان استقرار المعاملات من شانه ان يؤدى الى اذدهار الحالة الاقتصادية 00 فكذلك الامر بالنسبه للضرائب .
وبالنظر الى فريضة الزكاة نجد انها معلومه علم اليقين منذ اربعه عشر قرنا بعد ان فرضت بالقرأن ووضحت بالسنه الشريفه لا يعتريها اى تغيير00 فسعرها ثابت ووعائها محدد ومعلوم 00 ومواعيد جبايتها واضحة ومحددة بل وفرض على كل مسلم ان يتعلم احكامها باعتبارها جزءا من دينه .
ثالثا :-قاعدة الملائمة :-
يقصد بهذه القاعدة ان تجبى الضريبة فى الوقت المناسب للممول 00 وبالاسلوب الذى يتفق وظروفه 00 فمثلا الممول الموظف تحجز من مرتبه اول كل شهر بدلا من تركها سنوية فينوء بعبئها والزروع والثمار عند جنى المحصول 000 وهكذا .
وبالنظر الى الزكاة نجد ان الاسلام قد اولى هذا الامر عناية فائقه نذكر منها على سبيل المثال قول الحق تبارك وتعالى ” وآتوا حقه يوم حصاده ” . 00 وما امر به الرسول صلى الله عليه وسلم من جباية الزكاة من اواسط المحصول لا من خيره ولا من شره فليس لجابى الزكاة ان ياخذ الجيد .
ولا الردىء الا بالتقويم اذا رضى صاحب المال ففى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه لليمن ( إياكم وكرائم اموال الناس ، واتق دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب” ” .
كما اقر الخلفاء الراشدون جواز تأخير الزكاة عن موعدها اذا حدث من الامور الطارئه ما يثقل على اصحاب الاموال فقد اوقف عمر بن الخطاب رضى الله عنه جباية الزكاة فى عام المجاعه .
رابعا :- قاعدة الاقتصاد :-
يقصد بقاعدة الاقتصاد ان تكون نفقات الجباية فى اقل الحدود 00والسلام بصفه عامه يدعو الى الاعتدال والاقتصاد ففى القران الكريم المصدر الاول للشريعه السلامية نجد قول الحق تبارك وتعالى ” والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ” وقوله تعالى ” ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ” .
واذا كان هذه توجيه الاسلام للفرد فى ماله الخاص فهو فى المال العام كما فى الزكاة اشد حرصا
الزكاة ضريبة نسبيه :-
لم تاخذ الزكاة بفكرة التصاعد بحيث يزداد السعر كلما زاد الدخل او الثروة الخاضعه للزكاة وانما هى فريضه ثابته .
والبعض اثار سؤالا هاما لماذا كانت الضريبة ” ضريبة الزكاة ” نسبية ولم تكن تصاعدية تحقيقا للتوزان الاقتصادى وتقريبا للطبقات ؟
وعلى الرغم من ان الرد على هذا السؤال هو اجتهاد فى هذا الموضوع الا انه يمكن القول بالاتى
1- ان الزكاة رغم انها تذكر فى باب العبادات باعتبارها شقيقة الصلاة فانها تعد فى الحقيقة جزء من النظام المالى والاجتماعى فى الاسلام 00 وباخراجها مع التوحيد واقامه الصلاة يستحق المسلم الانتماء الى جماعه المسلمين وشرف الانتماء 00 فالزكاة الى كونها فريضه دينيه خالده خلود الاسلام الى ان يرث الله الارض ومن عليها لا تتغير الزكاة بتغير الازمنه ولا بتغير الظروف والاوضاع و الحاجات 00 بينما تقوم الدولة بفرض الضرائب التصاعدية لعلاج اوضاع معينه فى ظروف خاصة .
2- الدين الاسلامى هو الدين الكامل ليوم الساعه وبنص القرآن الكريم ( ان الدين عند الله الاسلام ) وهى النعمه التامة التى انزلت لتحقيق مصالح العباد فى الدنيا والاخرة . 00 والاحكام الشرعية الاسلامية كل لا يتجزأ وتتضح مسئولية الدولة الاسلامية فى ضرورة تحقيق مقاصد الشريعه الاسلامية والتى تتمثل فى حفظ الدين والعقل والنفس والنسل والمال 00 ولهذا فقد وضع الاسلام العديد من المبادىء التى تحقق اهدافه فالى جانب الزكاة وجدت نظم المواريث والوصية ومصادر الكسب الحرام وتحرم الربا والاحتكار وغيره من النظم التى تؤدى الى تقريب المستويات واقامه العدل بين الناس وكل ذلك يحقق اكثر ما يحققه نظام التصاعد حسب ما يدعى انصاره .